بسم الله الرحمن الرحيم
من أهم الصعوبات التى تواجه العلماء هى كيفية قطع المسافات الهائلة الفاصلة بين النجوم والمجرات .فعند
جمع معلومات عن أى نجم فان تلك المعلومة التى تأتينا أصبحت قديمة بمجرد وصولها إلينا .لأنها تستغرق
زمناً طويلاً بسبب المسافة الفاصلة بيننا وبين ذلك النجم ومثال على ذلك فان أقرب نجم الينا هو (الفا سنتورى)
فانه يصل ضوؤه بعد 4 سنوات تقريباً الينا .معنى ذلك أننا لا نعرف عنه شيئاً فى اللحظة الحالية،فاذا تم انفجاره
فلا نعلم الا بعد مضى أربع سنوات على تلك الانفجار ..........
وكذلك عند دراسة المجرات نجد أن أقرب مجرة الينا هى مجرة الاندروميدا أو مجرة المرأة المسلسلة التى
تقع على بعد مليونين من السنين الضوئية من مجرتنا أى أننا ما عرفناه عن تلك المجرة هو ما حدث منذ
مليونى عام ،وربما تكون قد انفجرت ونحن لانشعر بسبب الزمن الفاصل بينها وبين مجرتنا ......
معنى ذلك أننا نرى الكواكب والنجوم المحيطة بنا فى الماضى دائماً ،وهذا كله يتعلق بالسرعة التى ينطلق بها
الضوء وحيث أن السرعة فى الفضاء ليست محددة القيمة،ولكنها نسبية ومثل دوران الأرض حول محورها
بسرعة 1000كم فى الساعة ،وتنطلق فى الفضاء تدور حول الشمس بسرعة 100000كم فى الساعة وكذلك
تحملنا الشمس معها عند دورانها حول مركز المجرة بسرعة 80000000كم فى الساعة ،وبالرغم من هذه
السرعات الهائلة فاننا لا نشعر بها. وكذلك عند رصد نجم لامع يتحرك نحونا بسرعة هائلة ،فانه يصعب علينا
تحديد هل نحن نتحرك نحو هذا النجم أم أن هذا النجم يتحرك نحونا ..........
نستخلص من هذا أنه ليس هناك من وسيلة لايجاد سرعتنا الحقيقية التى ننطلق بها فى الفضاء .وكل ما سبق
يشمل ما تنص عليه النظرية النسبية للعالم الرياضى (أينشتاين)وهى العلاقة الأكيدة بين السرعة والمكان
والزمان ثم أكدها بنظرية النسبية العامة.وطبقاً لتلك النظرية فانه لا يمكن قياس السرعة المطلقة لأى جسم فى
الفضاء لأن كل شئ فى هذا الكون يغير موقعه من لحظة لأخرى.وحيث أن الضوء يتحرك فى الفراغ بسرعة
ثابتة ،ولا يعتمد على سرعة مصدره أو اتجاه حركته .فانه يمكن استخدامه فى قياس السرعة النسبية لمختلف
الأجسام .حيث أن سرعة الضوء 300000كم فى الثانية ،وهى سرعة لا يمكن لأى جسم متحرك أن يتعداها
وتعرف باسم (حاجز الضوء) وهذا الحد لم يصل اليه سرعة أى جسم حتى الآن .وعند النظر الى هذه السرعة
نجد أنه لا يوجد مانع أن يصل سرعة أى جسم الى القريب من هذه السرعة ولكن هناك نسبة ضئيلة جداً لا
يمكن الوصول اليها .فيمكن الوصول الى 99.6% من سرعة الضوء ،ولكن النسبة المتبقية وهى 0.1% لا
يمكن الوصول اليها مهما كانت القوة الدافعة التى تحرك هذا الجسم .......
بالنظر الى أسرع السفن الفضائية الآلية نجد سرعتها 30كم فى الثانية ،وهى بطيئة جداً بالمقارنة بسرعة
الضوء .فعند استخدام تلك السفن للوصول لأقرب نجم (الفا سنتورى)معنى ذلك أن تصل السفينة بعد نحو
40000 سنه أو أكثر .وبالمقارنة بسرعة الضوء نجد أنها تقطع المسافة لذلك النجم فى زمن 4سنوات
تقريباً .وعند النظر لتلك السفن اذا كانت تحمل ركاباً فانه سوف ينتهى عمر الركاب فى أوائل سنوات تلك
الرحلة .واذا لم يكن هناك ركاب فى تلك السفن وتوجهت الكترونى فنجد أنه عند الرجوع لكوكبنا أن شكل
الحضارة على سطح الأرض خلال هذا الزمن وقد تغير أو يمكن قد تكون أفنت البشرية تماماً.
وخلال هذاالزمن الهائل هل السفن قادرة على العمل بدقة أثناء تلك المدة الطويلة وتبقى محركاتها صالحة
للعمل .معنى ذلك أنه ليس هناك من بديل إلا محاولة رفع سرعة تلك السفن الفضائية ،وعند بلوغ تلك السرعة
القريبة من الضوء نجد وجود بعض الظواهر الغريبة ،وهى ظواهر تتعلق بزيادة الكتلة وتمدد الزمن بالنسبة
للجسم الذى ينطلق بسرعة قريبة من سرعة الضوء. وهذا ما تنبأت به النظرية النسبية .ومن هذه الظواهر
الغريبة هى ظاهرة التقلص أو الانكماش ،ومعناه إذا تحرك جسم بسرعة تقترب من سرعة الضوء نجد أن
طول هذا الجسم يقل عن طوله الأصلى فى حالة سكونه. وهذا النقص دائماً فى اتجاه حركة هذا الجسم .ولقد
أوضح اينشتين أن هذا التقلص يكون أشد وضوحاً للسرعات التى تقترب من سرعة الضوء .....
وعند تصورسفينة فضائية تنطلق بسرعة 36000كم فى الساعة ،فان هذا التقلص فى طول تلك السفينة الناتج
عن هذه السرعة سيكون غير محسوس .أما اذا بلغت سرعة السفينة نحو 270000كم فى الثانية أى ما يعادل
90% من سرعة الضوء ،فان هذا التقلص يكون ظاهراً ويصل لنحو 50% من الطول الاصلى .....
وكلما زادت السرعة زاد التقلص فى الطول ،واذا اقتربت تلك السرعة من سرعة الضوء أى وصولها الى
99.9% من سرعة الضوء فان طول هذه السفينة ستتحول لقرص مستو بدون سمك تقريباً .ومن الملاحظ أت
كتلة الجسم المتحرك بتلك السرعة الهائلة تزداد مساوية للمالانهاية تقريباً.ولذلك لن نجد لدينا من الطاقة لزيادة
سرعة الجسم أكثر من ذلك ...........
وهناك ظاهرة أخرى تنبأت بها النظرية النسبية وهى أشد غرابة وهى ظاهرة تمدد الزمن بزيادة السرعة ،ومثال
لذلك نجد أن ركاب السفن الفضائية التى تنطلق بسرعة قريبة من سرعة الضوء يلاحظون أن ساعاتهم تدور
ببطء شديد أى أنه حدث تمدد للزمن .ويمكن طرح مثال آخر نتصور أن هناك توأمين يبلغان من العمر عشرين
عاماً ،وأن أحدهما انطلق فى سفينة فضاء تسير بسرعة قريبة من سرعة الضوء ،بينما بقى الأخ الآخر على
سطح الأرض فانه طبقاً لتلك النظرية ،اذا كانت السفينة تسير بسرعة قريبة من سرعة الضوء وتتجه نحو نجم
يبعد عنا بمقدار 36 سنة ضوئية .فانه بالنسبة للشخص الموجود على سطح الأرض ستحتاج هذه السفينة إلى 72
عام كى تقطع رحلتى الذهاب والإياب وعند عودة الشخص من الفضاء سيجد أخيه وأصبح عمره 92 عام .
أما ا لشخص الذى فى الفضاء لم يزد عمره فى نهاية الرحلة الا بمقدار يوم واحدولقد تم التحقق من تلك
االظاهرة بالنسبة لبعض جسيمات الأشعة الكونية التى تنطلق بسرعة الضوء تقريباً .وحيث أن سرعة السفن
االفضائية لم تصل حتى الآن لسرعة الضوء،ومن المتوقع أن يصل الانسان الى نحو نصف سرعة الضوء قبل
منتصف القرن الواحد والعشرين.وذلك اذا تطورت خبرته ،ولاشك أن ظاهرة تمدد الزمن ستكون عوناً لركاب
تلك السفن الفضائية الفائقة السرعة لقطع مسافات هائلة فى الفضاء وهم ما زالواعلى قيد الحياة ،