أعيرونى مدافعكم
وخلوا دمعكم يروى محاجركم
فلست بحاجة للدمع ياساده
فلى زمن أطاح برأس عزته وأطلق فى حنايا الحلم أوغاده
ولى وطن قليل الماء يمحوه على ورق يخط الوهم أبعاده
ولى قلب هو الإنسان والبيتُ
تملك أمره طفل تفتح فى خريف زاره النبتُ
بعمرى كان موضعه
حياتى كنت أرضعه
فلف حياته الصمتُ
فليلة مد بسمته لصدرى ساعة السحرِ
كأن الجوع أيقظه ليمسح دمعة القمرِ
ويسكب ظله الغالى على الأيام والقدرِ
قد اقتحموا كسيل النار ينهش فى هشيم مصيرنا قهرا
وكان الليل مذعورا
بأحذية طلوها من دم الأبرار , من أكبادنا
فتلألأت نورا
وطفلى يشهد المأساة مبهورا
يضاحكهم كأن الله فى عينيه يضحك من غباوتهم
ويرمى الرعب فى أحشائهم كفرا
يلاعبهم
يقهقه فى ملامحهم
يلاغيهم
فلاغته الشراسة من حناجرهم
خناجرهم
بنادقهم
وكان الطفل رغم البأس أسطوره
يمد الكف فى لهف
يمد العين فى لهف
يمد شفاهه العطشى لثدى كان فوق الأرض مبتورا
فحين حبا يداعبه
يلامسه
ففزعه وفزعهم
فإذ بدم من العنق الطهور يرف نافوره
يطير كأنجم خضراء تحت العرش منثوره
برأس شامخ كالحق عانق رحمة الرحمن يرفل فى براءته
ملائكة تزف الطفل مبهوره
وهلل بالمنى الموتُ
وخيم حولى الصوتُ
فصاح من الأسى الصمتُ
تصدع من جلالته جدار القلب والبيتُ
ففجر حزنى الموجوع فى أشلائه الكبتُ
ورحت ألملم الأشلاء أحضنها وتحضننى وتنظر لى
فأصرخ مرحبا ياأيها الموتُ
فرغمك لم تزل أشلاؤه الطهرُ
ترفرف فى زوايا القلب غاضبة إلى أن يمحى القهرُ
فهذى كفه الغراء مازالت تلوّح , والدجى غرُ
وهذا أنفه الحرُ
نخيل فى علاه يغرد التمرُ
وتلك شفاهه السلوى يهيم بطعمها المرُ
وها يزهو على أسنانه الدرُ
سنابل شعره المنسوج من صبرى تغنى لحنه الدامى
وتلك عيونه يبكى على أهدابها الضحكُ
ولؤلؤة تهشم حلمها النامى
غدا ينمو على نظراتها الشوكُ
ومن دمه الذى حنيت أحلامى
بومضته يفوح بطهره المسكُ
وهذا رأسه التذكار كاس تمتلى خمرا
فعبوا الخمر ياساده
خذوا العمرا
ولكن قرروا أمرا
أعاد بدمعكم طفلى يهنأ ليلة التكبير أنداده
ويلعب مثلهم ينمو ليحفر فى جبين الفجر لى وطنًا
يعيد لبيتى المهجور أمجاده
فلموا الدمع يا ساده
وإن كانت لكم يوما مدافعكم
فهاتوا لى مدافعكم
أعيرونى مدافعكم
وإن عصت المدافع أمركم ياأيها الساده
ورحتم تنزفون الشجب كالعاده
فهاتوا لى أعيرونى ولو بنتًا
لكى أمحوبها الأوغاد , والساده